كتب: محمد بركات
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في إيران بالحديث عن وتقديم تحليلات للموقف منذ تعرض لبنان للهجمات السيبرانية على مدار اليومين الماضيين، الثلاثاء والأربعاء 18 و19 سبتمبر/ أيلول، التي تسببت في حدوث عدة انفجارات وقع ضحيتها قتلى وجرحى. تدور الأسئلة في فلك المخاوف الأمنية من تكرار الحادث في الداخل الإيراني، وتحاول معرفة السبب الحقيقي وراء تلك التفجيرات، ومن هي الشركة المصنعة لتلك الأجهزة، وهل إيران لديها مصانع لتلك الأجهزة أم لا.
ما هو البيجر وكيف يمكن اختراقه وتفجيره؟
وفقًا لتقرير نشرته وكالة عصر إيران الإخبارية الإيرانية بتاريخ الأربعاء 18 سبتمبر/ أيلول، فجهاز النداء أو البيجر هو جهاز اتصال لاسلكي محمول يستقبل ويعرض رسائل نصية أو صوتية رقمية في النسخة الأحدث منه، فعندما يستقبل البيجر إشارة بوجود اتصال ، يقوم بإصدار صوت تنبيه للشخص الذي يحمله. ويعتمد مدى تطور جهاز النداء على إمكانية إعادة إرسال الإشارة إلى الجهة التي قامت بالاتصال أولاً. ولا تزال تلك الأجهزة مستخدمة على نطاق ضيق حتى الآن، خصوصاً في مجال السلامة العامة والرعاية الصحية رغم وجود تقنيات أحدث كالهاتف المحمول.
وقد تم استخدام نظام شبكة البيجر لأول مرة في ولاية ديترويت الأمريكية عام 1921، في حين بدأ استخدام مصطلح “بيجر” لأول مرة في عام 1959 للإشارة إلى منتج اتصالات يعتمد على موجات الراديو من صنع شركة موتورولا، وكان عبارة عن جهاز صغير ينقل الرسائل إلى الأشخاص الذين يحملونه.
وفي أوائل التسعينيات، ظهرت أجهزة البيجر ذات التغطية الواسعة، وبلغ عدد المستخدمين 22 مليون شخص. وفي العام 1994، تجاوز عدد مستخدمي البيجر 61 مليون شخص. في الدول المتقدمة، وبعد فترة ركود قصيرة، أعيد استخدام البيجر كوسيلة اتصال فعالة وآمنة ورخيصة، وأصبح استخدامه أكثر شيوعاً من الأجهزة الأخرى، وبحلول عام 2003، تجاوز عدد المشتركين 250 مليون شخص.
وهناك عدة أنواع لأجهزة البيجر، منها بيجر التنبيه الصوتي هو النوع الأولي والأبسط من البيجر، والذي يعمل عند استلامه إشارة من مراكز الرسائل، مما يجعله يصدر صوتًا لتنبيه حامله بوجود رسالة في المركز، كما يُعتبر هذا البيجر من الجيل الأول. وهناك البيجر الرقمي ويحتوي هذا النوع على شاشة صغيرة تعرض الأرقام المرسلة من مركز الرسائل. نوع آخر هو البيجر الصوتي ويتميز بإمكانية استقبال وتشغيل الرسائل الصوتية، والنسخة المتقدمة من هذا البيجر تتيح استقبال وتسجيل الرسائل الصوتية التي يمكن الاستماع إليها في وقت مناسب. والبيجر الحروف-الرقمي هو النوع الأكثر شيوعًا الذي يمكنه استقبال الرسائل النصية إلى جانب الأرقام، فهو يدعم بروتوكولات متقدمة مثل POGSAG، ويتيح إرسال الأحرف والرموز وفك تشفيرها، مما يوفر مراسلة أسرع وأكثر دقة.
أما عن كيفية تفجير تلك الأجهزة فقد طرح الفنيون والتقنيون احتمالين: الاحتمال الأول هو إرسال موجة راديو بتردد معين ، مما تسبب في أمرين: الأول هو إحداث صوت يجعل حامل الجهاز يقربه إليه ليرى سبب هذا الصوت، أما الأمر الثاني فهو زيادة جهد البطارية مما يجعلها تنفجر في النهاية. الاحتمال الثاني يعتمد على زرع نوع من المتفجرات، الإشتباه في أنها من نوع RDX أو PETN، وهي مواد شديدة الانفجار يصل وزنها إلى 3-5 جرامات، بداخل الأجهزة. ثم يكون الانفجار عبر إرسال تردد معين يُرسل شحنة كهربائية إلى البطارية مما يزيد قوة الانفجار. يُعد هذا الاحتمال هو الأوقع من ناحية الحدوث لأن تلك الأجهزة بها فراغات كبيرة في داخلها تسمح بزرع مثل تلك المتفجرات.
نوع ومنشأ البيجر الذي كان مع عناصر حزب الله:
وفقًا لموقع فرانس 24 الإخباري فإن البيجر المستخدم من قبل عناصر حزب الله كان من طراز “إيه.بي924″، وهو طراز بإمكانه إرسال واستقبال الرسائل. هذا البيجر من صنع شركة جولد أبوللو التايوانية، التي أكدت صباح الأربعاء 18 سبتمبر/ أيلول، بعد وقوع الهجمات، أن أجهزة البيجر التي انفجرت في لبنان صنعت من قبل شركة تجمعها شراكة معها وتقع في المجر، اسمها “باك”. نفت الشركة في نفس الوقت أن تكون هي التي وضعت كميات صغيرة من المتفجرات في الأجهزة.
وقال مؤسس شركة أبوللو في بيانه: “إن الشركة لم تصنع أجهزة البيجر التي تعرضت للانفجار في لبنان، لكن (الأجهزة) من إنتاج شركة في أوروبا لها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية”.
البيجر المحلي الإيراني ومسارات عمله:
بالنظر إلى السوق الإيرانية، نجد أن هناك عددًا من المنشآت المدنية التي تصنع وتستورد جهاز البيجر. من بين تلك المنشآت موقع باسم إيران بيجر، وهو أكبر مستورد لتلك الأجهزة في إيران. هذا الموقع يبيع تشكيلة كبيرة من البيجرات التي تستخدم في مختلف نواحي الحياة، كالمجال الطبي والخدمات الفندقية. وهناك موقع Akh، وهو يعد أكبر مصنع للبيجرات في إيران، ولديه العديد من أنواع البيجرات ، بالإضافة إلى المجال الطبي، فلها استخدامات في أماكن كدور المسنين، وبيوت الأزياء، وصالونات التجميل، والمدارس والمطاعم.
هل يشبه البيجر إيراني الصنع ذلك الذي انفجر في لبنان؟
بالنظر إلى مواصفات جهازي البيجر الإيراني واللبناني ، نجد أن كليهما يمتلك صفات مماثلة من حيث الحجم والتركيب الفني وحجم البطارية. كلاهما يعتمد على نفس التقنية في نظام التشغيل وتلقي البيانات.
هل يمكن تكرار السيناريو اللبناني في إيران؟
نصل الآن إلى سؤال هو هل يمكن تكرار حدوث السيناريو اللبناني في إيران؟ يجيب الفنيون عن هذا السؤال بأنه نعم يمكن أن يحدث ذلك. فيمكن استخدام نفس التقنية التي سبق استخدامها في لبنان، سواء بإرسال موجات راديو أو زرع مواد متفجرة. لكن هناك عوامل أخرى ستقلل من حجم هذه الكارثة، أولها: أن إيران تفرض حدودًا صارمة في تفتيش الأجهزة المستوردة، وتقوم بمسح مكونات الجهاز باستخدام أدوات متقدمة. كما أن المؤسسات العسكرية في إيران لا تتبنى البيجر كأحد أنظمتها الأساسية الآمنة في التواصل، مما يصعب امتلاكه لدى شخصيات هامة وحساسة.