ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشر موقع “جهان نيوز” الإخباري الأصولي، السبت 12 أبريل/نيسان 2025، تقريرا استعرض فيه أبرز الأزمات الداخلية والخارجية التي واجهتها إيران خلال العام الماضي، من اغتيالات وصراعات إقليمية إلى ضغوط اقتصادية وسياسية، ويُبرز كيف تمكنت البلاد من تجاوز هذه التحديات بثبات، مما يعزز مكانتها كجزيرة استقرار في منطقة مضطربة.
وحسبما جاء في موقع جهان نيوز الاخباري، فإن أهم سمة لأي بلد يسعى للتقدّم، هي الحفاظ على الاستقرار والتوازن في مختلف المجالات، لا سيّما إذا كان ذلك البلد يتعرض لتهديدات متعددة، ويعيش في ظل أزمات متنوعة، ثم يتمكن رغم ذلك من الحفاظ على مستوى من التوازن والاستقرار.
الاستقرار الداخلي
ذكر الموقع أن إيران أثبتت، خصوصا خلال العام الماضي، أنها بلغت أعلى درجات التوازن في الحفاظ على استقرارها الداخلي. فمراجعة سريعة للأحداث المتسارعة في عام 2024 تُظهر كيف تمكنت إيران من عبور أزمات متعددة، كان من شأن كل واحدة منها، لو وقعت في أي بلد آخر، أن تضعه أمام خطر وجودي حقيقي، وتهزّ كيانه بالكامل.
وهذا في وقت لا تواجه فيه العديد من الدول مثل هذه الأزمات، ولا تُمارس ضدّها خطط خارجية لإسقاط أنظمتها، بل العكس، تسعى بعض القوى الأجنبية إلى دعم حكوماتها بما يحقق مصالح تلك القوى.
أما في حالة إيران، فالأمر يختلف؛ فهي تواجه إضافة إلى الأزمات المتعددة، تخطيطا خارجيا واسع النطاق من قبل العديد من الدول، عبر ضغوط سياسية مستمرة ومتفاوتة الشدة، بهدف إسقاط النظام.
في شهر أبريل/نيسان 2024، شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجوما على القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أدى إلى مقتل عدد من قادة الحرس الثوري، وبعد 12 يوما من ذلك الهجوم، نفذت إيران عملية “الوعد الصادق 1″، لتقوم للمرة الأولى بردٍّ مباشر لمعاقبة الاحتلال الإسرائيلي. وهو الرد الذي منع تمادي إسرائيل في عدوانها.
وفي العام ذاته، تعرّضت البلاد لمأساة كبيرة تمثلت في حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني الأسبق إبراهيم رئيسي، والذي فقدت فيه الدولة رئيسها وعددا من كبار مسؤوليها، كان من بينهم حسين أمير عبد اللهيان، أحد أبرز الشخصيات التي أدت دورا استراتيجيا خلال تولّيه وزارة الخارجية وقيادته لها.
وتابعت أنه عقب هذا الحدث، كان لا بدّ للدولة من التوجه بسرعة نحو انتخابات طارئة، وكان على البلاد أن تنتقل خلال فترة وجيزة من وداع رئيسها الراحل إلى انتخاب رئيس جديد، من دون أن تبقى في فراغ حكومي. وقد تم هذا الانتقال بنجاح، حيث أُجريت الانتخابات على مرحلتين، وأسفرت عن انتخاب “مسعود بزشكيان” رئيسا لإيران.
وأشار الموقع إلى أن هذا في وقت شهدت فيه الساحة الدولية تطورات كبرى، كانت قضية غزة في صدارتها، وقد انعكست هذه التطورات على الداخل الإيراني بأشكال متعددة.
اغتيال إسماعيل هنية
أفاد الموقع بأنه في الوقت الذي كان فيه رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ضيفا في طهران، وبعد مشاركته في مراسم أداء اليمين الدستورية 31 يوليو/تموز 2024 على الاحتلال الإسرائيلي، رفع منسوب التوتر بين إيران وهذا الكيان إلى أعلى مستوياته.
وفي هذه الفترة، ورغم استمرار التجاذبات داخل البلاد، تم تشكيل الحكومة الجديدة بثقة قوية من البرلمان الإيراني، واستقرّت الحكومة بسرعة لممارسة مهامها، حيث تمكّن الرئيس “بزشكيان” من التعرف الكامل على تشكيلته الوزارية.
وفي هذه الأثناء، تصاعدت التوترات بين محور المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، حيث نُفذت عمليات تفجير مراكز الاستشعار (البيجر) التابعة لحزب الله اللبناني، 2 يوليو/تموز 2024، ومع امتداد المعارك إلى داخل الأراضي اللبنانية، قتل ” حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله، إلى جانب “اللواء نيلفروشان”.
وفي 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، نفذت إيران بنجاحٍ عملية “الوعد الصادق 2″، التي استهدفت مواقع عسكرية حساسة الاحتلال الإسرائيلي، ومع استمرار العدو في محاولاته لاغتيال قيادات المقاومة، أقدم على اغتيال “هاشم صفي الدین”، الذي كان يُعتبر خليفة “حسن نصر الله”.
وتابع أن هذه التطورات أدت إلى زيارة “محمد باقر قاليباف” لبيروت. وفي ظل استمرار هذه الاغتيالات، قتل “يحيى السنوار“، رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، بعد معركة ضارية.
وأدى فوز دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة مجددا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إلى إصدار تهديدات جديدة ضد إيران.
وتابع الموقع أنه بعد أن تم التوصل إلى اتفاق مؤقت أنهى الحرب في لبنان، شهدت الساحة تطورا مفاجئا خلال أحد عشر يوما فقط، تمثّل في سقوط حكومة “بشار الأسد” على يد المعارضة السورية المسلحة بقيادة “محمد الجولاني”.
وفي سياق متصل، ومع تولّي “جوزيف عون” رئاسة الجمهورية في لبنان بضغط أمريكي، فُرضت قيود على الرحلات الجوية الإيرانية إلى بيروت بهدف زيادة الضغط على محور المقاومة.
ذكر الموقع أنه في 18 يناير/كانون الثاني من العام ذاته، قتل قاضيان رفيعا المستوى في البلاد من جراء عملية إرهابية. وعلى الصعيد الداخلي، وبسبب ارتفاع سعر الدولار وسوء أداء وزير الاقتصاد السابق “عبد الناصر همتي”، تم استجوابه في البرلمان وأُقيل من منصبه.
وفي السياق ذاته، عادت إلى الواجهة قضية رسالة ترامب إلى إيران، وجرى الحديث مجددا عن استئناف سياسة الضغوط القصوى ضد البلاد، وقد أطلق الرئيس الأمريكي تهديدات عدة تجاه إيران، إلا أن اللافت في الأمر أن الأوضاع الداخلية ظلت مستقرة وآمنة رغم هذه التهديدات.
واصل المواطنون حياتهم الطبيعية، وكان الهمّ الرئيسي يتركز على الجانب الاقتصادي، وضرورة معالجة المشكلات ومكافحة التضخم، وهو أمر يرتبط بالإدارة الداخلية ويجب العمل عليه داخل البلاد.
وتابع الموقع أن الأمر اللافت أن إيران، ورغم كل ما مرّت به من أزمات خلال العام الماضي- كما استعرضنا أعلاه- استطاعت إدارة هذه الأزمات بشكل فعّال، بينما بقي المجتمع في حالة توازن نفسي واستقرار نسبي.
وقد تجلّى ذلك في عطلة عيد النوروز، حيث شهدت البلاد حركة سفر واسعة النطاق، ووفق الإحصاءات، بلغ عدد المسافرين خلال هذه الفترة 36 مليونا و519 ألف شخص، وكانت مدن مثل “غيلان”، و”خراسان الرضوي”، و”مازندران”، و”طهران”، و”أصفهان” من أبرز وجهات السفر.
ارتفاع الوقود
أردف الموقع أن استهلاك الوقود سجل أرقاما قياسية خلال هذه الأيام، حيث بلغ في بعض الحالات أكثر من 164 مليون لتر يوميا، وهذا المشهد يعكس بشكل واضح مستوى الاستقرار الأمني والتوازن الاجتماعي داخل البلاد.
وأضاف أن الأوضاع الاقتصادية لا تزال متأثرة بالتضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية، إلا أن الأسواق لا تعاني من نقص في السلع، بل تتوافر المواد المختلفة رغم ارتفاع الأسعار.
ومع ذلك، لا بد من تصحيح المسار الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الإنتاج الوطني، لا سيما في ظل تأكيدات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية المتكررة حول ضرورة دعم الاقتصاد المنتج والفعّال. ويتطلب هذا الأمر تخطيطا واسع النطاق وجهدا وطنيا شاملا.
كما ذكر أنه ينبغي للحكومة في هذا الإطار أن تعمل على بناء الثقة، وتحقيق الربحية في الإنتاج، وفتح أسواق جديدة- خصوصا على الأقل في محيط الجوار- حيث يوجد سوق استهلاكية قوامها نحو 400 مليون نسمة جاهزة للاستفادة من المنتجات الإيرانية.
وتابع الموقع أن إيران بحاجة إلى إنهاء بعض الملفات العالقة، وتحقيق مستوى أعلى من الاستقرار النفسي للمجتمع، مع إحداث تقدم ملحوظ- خصوصا في الجانب الاقتصادي- كي تكتمل عناصر الاستقرار والتوازن بالكامل. ورغم كل الضغوط والأزمات، فإن إيران تمكنت من الحفاظ على توازنها واستقرارها، وهو ما يدل على وجود طاقات وإمكانات حقيقية للتقدم، ينبغي استثمارها لتحقيق نمو فعلي وملموس.