كتب: محمد بركات
إحدى أدوات النظام لتثبيت أفكاره وآرائه، كان ولا يزال هذا هو الدور المنوط بإحدى أقدم المؤسسات في التاريخ القصير لإيران بعد ثورتها في العام 1979، والتي حضر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، احتفالية إحياء ذكرى تأسيسها الأربعين، صباح الاثنين 9 ديسمبر/كانون الأول 2024.
فبعد انتصار الثورة الإيرانية، ورغم التأييد الشعبي الذي تمتع به قائدها روح الله الخميني، فإن المجتمع الإيراني لم يكن قد فهم جيدا ما هي أسس النظام الجديد، أو كيف ستدار الدولة، لذا تم تشكيل المجلس الأعلى للثورة الثقافية ليرسم ملامح نظام الحكم الإيراني الجديد.
النشأة
تأسس المجلس الأعلى للثورة الثقافية الإيرانية في ديسمبر/كانون الأول 1984 بأمر من المرشد الأعلى للثورة وقتها روح الله الخميني، ليكون بمثابة هيئة تُعنى برسم السياسات الثقافية والعلمية للبلاد وتوجيهها بما يخدم أهداف النظام الجديد الذي وضعه الخميني.
وفي بداية نشأته، عُرف المجلس باسم مقر الثورة الثقافية وكان هدفه الأساسي إعادة صياغة النظام التعليمي والثقافي في إيران بما يتماشى مع قيم الثورة، كذلك فقد تولى المجلس مهمة ما سماه تطهير الجامعات الإيرانية من الأفكار التي اعتبرتها الثورة غير إسلامية، مما أدى إلى إغلاق الجامعات لمدة عامين في أوائل الثمانينيات تحت شعار الثورة الثقافية، وخلال هذه الفترة، تم تعديل المناهج الدراسية وإعادة تنظيم الهيئات الأكاديمية لتكون متوافقة مع الأيديولوجيا الإسلامية.
ومع تطور النظام الإيراني، تحول مقر الثورة الثقافية إلى المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وأصبح هيئة دائمة تعمل على صياغة السياسات الثقافية والعلمية والتعليمية في البلاد يرأسها رئيس الجمهورية بنفسه، وقد مُنح المجلس سلطات واسعة تشمل الرقابة على المناهج الدراسية، والإشراف على وسائل الإعلام، وتحديد السياسات المتعلقة بالفنون والثقافة العامة. كما أن قراراته تُعتبر ملزمة للحكومة، ما يجعله أحد أبرز مراكز صنع القرار في إيران.
أعضاء المجلس
يضم المجلس أعضاء دائمين وغير دائمين من الشخصيات البارزة في المجالات السياسية، والدينية، والثقافية، والأكاديمية، ويتم تعيين الأعضاء بناءً على مناصبهم الرسمية أو بقرارات من المرشد الأعلى لإيران، ومن أبرز الأعضاء رئيس الجمهورية الذي يشغل رئاسة المجلس، وهو المسؤول الأعلى عن تنفيذ السياسات الثقافية والعلمية، ويشارك رئيس البرلمان الإيراني في المجلس لتمثيل الجانب التشريعي والتنسيق بين السياسات الثقافية والتشريعية، كما يمثّل رئيس السلطة القضائية السلطة القضائية لضمان توافق السياسات الثقافية مع النظام القانوني، وذلك وفقا لما جاء في الموقع الرسمي للمجلس.
يشتمل المجلس أيضا على وزراء الحكومة ذوي الصلة، مثل وزير الثقافة والإرشاد، ووزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا، ووزير التعليم، ووزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي، ووزير الخارجية عند الحاجة للتنسيق في العلاقات الثقافية الدولية. كما يضم رئيس منظمة الإعلام، الذي يشرف على الإعلام والنشر في إيران، وشخصيات دينية بارزة يتم اختيارهم من علماء الدين ذوي التأثير في المجالات الثقافية والدينية.
كما يشارك رئيس جامعة طهران ممثلا عن المؤسسات الأكاديمية في البلاد، إضافة إلى رئيس الحوزة العلمية في قم؛ لضمان توافق السياسات الثقافية مع القيم الدينية. كما يتضمن المجلس رؤساء مراكز البحوث الثقافية والعلمية وبعضهم يُعيّن مباشرة من المرشد الأعلى. إلى جانب هؤلاء، يتم تعيين أعضاء بارزين من قبل المرشد الأعلى، وهم خبراء في المجالات الثقافية والسياسية والدينية؛ لضمان إشرافه المباشر على عمل المجلس.
وظائف المجلس
بحسب الموقع الرسمي للمجلس، فإن مهام عمله تأتي ضمن ثلاثة مجالات رئيسية، هي: رسم السياسات، ووضع الضوابط، والإشراف. فيشمل دور المجلس إعداد وتطوير السياسات والخطط الاستراتيجية للبلاد في مختلف المجالات الثقافية.
وضمن ذلك قضايا المرأة، والدعاية، والإعلام، الطباعة والنشر، ومحو الأمية، الجامعات، وإقامة العلاقات العلمية والبحثية والثقافية مع الدول الأخرى، وتعزيز التعاون بين الحوزات العلمية والجامعات، والأنشطة الدينية والروحية، ومواجهة الهجوم الثقافي، وغيرها من المجالات الثقافية ذات الصلة.
كما يُعنى المجلس بوضع ضوابط لإنشاء المؤسسات العلمية والتعليمية، إضافة إلى تحديد معايير اختيار المديرين وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.
أما في مجال الإشراف، فيتولى المجلس مهام مثل دراسة وتحليل الأوضاع الثقافية في إيران والعالم، ودراسة نماذج التنمية وانعكاساتها الثقافية، وتقييم حالة الثقافة والتعليم في البلاد، والإشراف على تنفيذ قرارات المجلس.
انتقادات وجهت للمجلس ودوره
وفي العقود الأخيرة، تعرض المجلس الأعلى للثورة الثقافية لانتقادات واسعة من قِبل بعض المفكرين والنشطاء السياسيين، حيث اعتبروا أن سياساته تسهم في تقييد الحريات الثقافية والفكرية، كذلك فيرى البعض أن المجلس يمارس نوعا من الاحتكار الثقافي الذي يحد من التنوع الفكري والتعددية الثقافية داخل المجتمع الإيراني. كما أن قرارات المجلس في مجالات مثل الرقابة على وسائل الإعلام والإنتاج الفني تُعتبر مثيرة للجدل، حيث يُنظر إليها على أنها تضيق مساحة الإبداع وتفرض رقابة صارمة على التعبير، وذلك حسبما جاء في تقرير وكالة أنباء دانشجو الإخبارية بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ورغم هذه الانتقادات، يواصل المجلس دوره كأحد أهم أدوات النظام الإيراني لتعزيز سيطرته على المشهد الثقافي والاجتماعي.
وفي السنوات الأخيرة، وُجهت سياسات المجلس نحو التركيز على تعزيز التعليم العلمي والتكنولوجي، خاصة في مجالات مثل الهندسة والطب، وذلك بهدف دعم قدرات إيران في مجالات البحث العلمي والتنمية.
كما تم توجيه الجهود لتعزيز التعاون بين الجامعات الإيرانية ومراكز البحث الدولية، رغم العقوبات المفروضة على البلاد.
أعضاء المجلس الحاليون:
يتكون المجلس الحالي من 29 عضوا، وهم:
مسعود بزشكيان: رئيس الجمهورية ورئيس المجلس.
محمد باقر قاليباف: رئيس البرلمان ونائب رئيس المجلس.
غلام حسين محسني ايجه إي: رئيس السلطة القضائية ونائب رئيس المجلس.
عبد الحسين خسرو بناه: أمين عام المجلس وأستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة آزاد الإسلامية، وإمام جمعة مدينة دزفول.
عباس صالحي: وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي.
بيمن جبلي: رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون.
زهرا بهروز آذر: مساعد رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة.
فهيمة فرهمند بور: رئيس المجلس الثقافي الاجتماعي للنساء والأسرة، وأستاذ مساعد بجامعة طهران.
حسين سيمايي صراف: وزير العلوم، البحوث والتكنولوجيا.
محمد قمي: رئيس منظمة الدعاية الإسلامية
علي رضا كاظمي: وزير التربية والتعليم.
سيد سعيد رضا عاملي: عميد كلية الدراسات الدولية بجامعة طهران.
محمد رضا ظفر قندي: وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي
علي رضا أعرافي: مدير مؤسسة الحوزات العلمية في إيران.
إيمان افتخاري: أكاديمي إيراني.
أمير حسين بانكي بور: البرلماني الأسبق وعضو هيئة التدريس بجامعة أصفهان.
حميد بارسانيا: أكاديمي وباحث إيراني.
عادل بيغامي: أستاذ متخصص في علوم الاقتصاد ومدرس بجامعة الإمام الصادق.
غلام علي حداد عادل: رئيس أكاديمية اللغة والأدب الفارسي ومؤسسة سعدي لتعليم الفارسية.
حسن رحيم بور ازغدي: السياسي والباحث الإيراني.
علي أكبر رشاد: رئيس مجلس الحوزات العلمية في محافظة طهران وعضو دائم في أكاديمية العلوم الإيرانية.
محمد حسين سعيدي: أستاذ جامعي متخصص في علوم الاتصال.
إبراهيم سوزنجي كاشاني: أستاذ بجامعة شريف الصناعية.
منصور كبجانيان: أستاذ الهندسة الميكانيكية جامعة أمير كبير.
علي لاريجاني: مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي.
محمد رضا مخبر دزفولي: أستاذ بجامعة طهران.
مرتضى مير باقري: المساعد السابق لرئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون.
صادق واعظ زاده: أستاذ الهندسة الكهربائية جامعة طهران.
أحمد واعظي: كاتب إيراني.