كتب- صديق العيسوي
وصف عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الإيراني موافقة مجلس صيانة الدستور على 6 مرشحين- أغلبهم من التيار المحافظ- بأنها ترجمة لسيطرة المحافظين على المجلس من جانب، ومن جانب آخر تعكس رغبة الأوساط السياسية الإيرانية في إقصاء الإصلاحيين عن المشهد السياسي العام.
– المرشحون الستة ليسوا على الوزن نفسه من الثقل
يرى الدكتور هاني سليمان، الخبير في الشأن الإيراني والعلاقات الدولية ومدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أن المرشحين الستة للانتخابات ليسوا على القدر نفسه من الثقل والفرص، فهناك اختلاف كبير بين مرشح وآخر، فبالتأكيد احتل هذه القائمة محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان، لأنه كان سياسياً مهماً خلال الفترة الأخيرة، رغم عدم قبول ترشحه، فكانت هناك بعض المناقشات بخصوص ترشحه أمام إبراهيم رئيسي آنذاك، ومن ثم أعتقد أنه الشخص الأكثر حظاً في ما يتعلق بهذه الانتخابات، لأنه- كما ذكرنا- يحظي بثقة المرشد؛ لكونه أحد أضلاع النظام المهمة في الوقت الحالي، وأرى أيضاً أن فرصة الفوز سانحة أمام سعيد جليلي، الذي يعد أحد العناصر المهمة بالنسبة للنظام.
وتابع سليمان في تصريحات خاصة لـ”زاد إيران”: “أعتقد أن كلا المرشحين السابق ذكرهما، يعد من المرشحين الأساسيين للنظام الإيراني، فتختلف السيناريوهات المستقبلية حول من سيقع عليه الاختيار ليفوز بمنصب رئيس الجمهورية الإيرانية، فقد يكون هناك مرشح أساسي ومرشح بديل، وقد يكون هناك بعض الترتيبات المتعلقة بأدائهم، ولكن من وجهة نظري أرى أن محمد باقر قاليباف يحظى بفرصة أفضل من سعيد جليلي”.
أما عن باقي المرشحين فهم على مسافة متوازنة، فعلى سبيل المثال، حسين أمير قاضي زاد هاشمي خاض الانتخابات الرئاسية السابقة وحصل على ما بين 7.5 و8% من نسب الترشح، وأعتقد أنها نسبة ضئيلة جداً وتعكس وزنه الانتخابي الضعيف في هذه الانتخابات، وأيضاً أرى أن محمد رضا زاكاني لن يحظى بثقل سياسي رغم منصبه، ولذلك أظن أنهم لا يمتلكون القدر نفسه من الفرص.
ويليهم مصطفى بورمحمدي الذي لديه بعض الخبرات المتعلقة بحقائب سيادية مثل وزارة العدل ووزارة الداخلية في حكومة أحمدي نجاد آنذاك، لكنه يأتي في مراتب متأخرة عن باقر قاليباف وسعيد جليلي، أما بالنسبة لمسعود بزشكيان، فأعتقد أنه هو المرشح الوحيد للإصلاحيين الذي لديه بعض الخبرات لاختياره مسبقاً وزيراً للصحة، ولكن لا أظن أن النظام كان حريصاً على وجود ممثل للإصلاحيين حتى يعكس مثالية العدالة أو فكرة المساواة، ففي النهاية هو مرشح كما هو متوقع له بعدم حصوله على فرص كبيرة في الانتخابات القادمة.
– كان متوقعاً إقصاء غالبية هؤلاء المرشحين
وعلق الباحث محمد عبادي، المتخصص في الشأن الإيراني، على قرار مجلس صيانة الدستور اختيار عدد محدد من المرشحين، بأنه كان متوقعاً اختيار المرشحين الذين ينتمون إلى التيار المحافظ، كما أن إقرار المجلس تنقية المرشحين يأتي وفق مبدأ اختيار صاحب الأهلية ومن ينتمون إلى النظام السياسي القائم، ومن ثم دفعهم إلى خوض ماراثون الانتخابات الرئاسية.
وأوضح عبادي في تصريحات خاصة لموقع “زاد إيران”، أن مجلس صيانة الدستور أقر 6 مرشحين من إجمالي 80 مرشحاً، وهذا ما يؤكد توجُّه الدولة الإيرانية لصنع حالة من الزخم في أعداد المرشحين، للسماح لكل من أراد الترشح بالذهاب إلى لجنة الانتخابات؛ في محاولة للدولة الإيرانية لتوصيل رسالة بأنها دولة قوية وقادرة علي إظهار وجوه جديدة مرة أخرى تدفع بهم إلى الرئاسة بعد الحادث الغامض الذي أدى إلى مقتل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته.
وأضاف المتخصص في الشأن الإيراني، أنه كان من المتوقع إقصاء غالبية هؤلاء المرشحين، وأن الاختيار سيقع على 5 إلى 8 مرشحين، وهذا ما حدث بالفعل واستقر مجلس صيانة الدستور على 6 مرشحين فقط.
وأشار عبادي إلى عدد من الملاحظات المهمة في القائمة النهائية، وأولاها أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تظل تحت سيطرة المحافظين والأصوليين بعدد 5 من التيار المحافظ مقابل إصلاحي واحد، وهو ما يقلل من فرص التيار الإصلاحي في تقديم نفسه أمام الانتخابات بشكل من أشكال النزاهة السياسية، حيث إن الأمر بدأ يتعلق بلعبة تبادل الأدوار بين الإصلاحيين والأصوليين والتي انتهت بخسارة الآخر أمام التيار المحافظ، لافتاً إلى أن الأصوليين هم المسيطرون على كل مؤسسات الدولة.
ولفت إلى أن هناك توقعات بفوز واحد من بين ثلاثة من المرشحين في الانتخابات الرئاسية، وهم: محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الإيراني الحالي؛ وسعيد جليلي سكرتير مجلس الأمن القومي السابق وأحد الأسماء المقربة من المرشد الأعلى، إضافة إلى دوره المعنيّ بمراقبة أداء حكومة رئيس الجمهورية في الفترات الماضية؛ وأخيراً علي رضا زاكاني عمدة طهران الحالي وأحد أهم الوجوه التي تمثل التيار المحافظ.
وتابع أن الأسماء المتبقية من قائمة المرشحين لن تحظى بفرص كبيرة في الفوز، بل من الممكن أن تتنازل بعض الأسماء عن ترشحهم لصالح المرشح الذي ستشير الدوائر القريبة من المرشد إلى أنه الأوفر حظاً.
وتوقع عبادي فوز أحد المرشحين- سواء علي باقر قاليباف أو سعيد جليلي- بمنصب رئيس الجمهورية الإيرانية وسط التوقعات المثارة داخل الشأن الإيراني بنجاح أحدهما في سباق الانتخابات الرئاسية.
– سيطرة المحافظين على مجلس صيانة الدستور
من جانبه قال الدكتور محمد خيري، الباحث في الشؤون الإيرانية، إن موافقة مجلس صيانة الدستور على 6 مرشحين فقط، أغلبهم من التيار المحافظ، ترجمة لسيطرة المحافظين على المجلس من جانب، ومن جانب آخر تعكس رغبة لدى الأوساط السياسية الإيرانية في إقصاء الإصلاحيين عن المشهد السياسي العام في إيران.
وأضاف خيري، وهو مدير وحدة الفكر الإيراني في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أنه ليس من المستبعد أن تتم هندسة الانتخابات الرئاسية في إيران لصالح مرشح معين كما هو معتاد، إذ تتجه البوصلة إلى سعيد جليلي بصفته أحد النافذين والمطلعين على ملفات مهمة داخل النظام الإيراني، علاوة على قربه من بيت المرشد، وترؤسه مجلس الأمن القومي الإيراني لفترة من الفترات، علاوة على إشرافه على مفاوضات الاتفاق النووي.
وأشار إلى أن بيت المرشد والمؤسسات القريبة منه تعمد إلى الترتيب أصلاً لما بعد الانتخابات الرئاسية، وهي التحضير لشخص المرشد الثالث لإيران، من خلال سيطرة المحافظين أولاً على كل المؤسسات؛ حتى يتسنى لهم إيصال شخصية محافظة إلى منصب المرشد في مرحلة لاحقة، ولإبعاد الإصلاحيين عن تلك المناصب النافذة، خاصةً أن الإصلاحيين لديهم ميول لتغيير السياسات الإيرانية بشكل عام سواء في الداخل أو الخارج.