ترجمة: نوريهان محمد البهي
نشرت صحيفة فرهيختگان، الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا ذكرت فيه أن الإحصاءات الحديثة تكشف عن وجود ما يقرب من مليون كلب ضال في إيران، بينهم 30 ألفا في طهران وحدها.
وقد تفاقمت هذه الأزمة في السنوات الأخيرة، خاصة في المدن الساحلية والجبلية، في حين ارتفعت حالات عقر الكلاب بشكل كبير من 15 ألف حالة عام 1987 إلى 248 ألف حالة عام 2022. وأكد رئيس إدارة الأمراض المنقولة من الحيوان إلى الإنسان بوزارة الصحة، أن العام الماضي شهد تسجيل 380 ألف حالة عقر حيوانات، إضافة إلى وفاة 18 شخصا بسبب داء الكلب.
وفي ظل تصاعد أزمة الكلاب الضالة في إيران، أشارت الصحيفة إلى تصريحات الدكتور مجيد فصيحي هرندي، رئيس مركز أبحاث أمراض الحيوان، حيث قال: “إنَّ نقص البيانات الدقيقة يُعد التحدي الرئيسي في إدارة هذه الأزمة”.
وأوضح أن التقديرات الحالية لأعداد الكلاب تعتمد على دراسات محدودة، مثل تلك التي أُجريت في كرمان، حيث تم تقدير أعداد الكلاب الضالة بـ6700 إلى 8000 كلب، لكن، لم تُجرَ دراسات مماثلة في مناطق أخرى، مما يعيق أي جهود فعالة لحل المشكلة.
وأشار هرندي إلى أن عدم وجود نظام تسجيل مركزي للكلاب المملوكة يُعد معضلة كبيرة، مؤكدا أن التسجيل والرقاقة الإلكترونية ضروريان لتتبُّع أعداد الكلاب وحالتها الصحية، وضمن ذلك التطعيمات والتعقيم.
وتابع أنه في دول أخرى، يتم تسجيل جميع الكلاب، سواء كانت كلاب حراسة أو رعي أو أليفة، مما يسمح بمراقبة أعدادها وحالتها الصحية بشكل دقيق.
ودعا إلى إجراء دراسات شاملة في جميع أنحاء البلاد لتحديد أعداد الكلاب بدقة، مشددا على أن هذه الخطوة هي الأساس لأي جهود فعالة لإدارة الأزمة.
وأضاف: “بدون بيانات دقيقة، ستظل أي محاولات لحل المشكلة عشوائية وغير فعالة”.
إدارة الكلاب الضالة: التعقيم ليس الحل الوحيد
وفي ظل أزمة إدارة الكلاب الضالة، أكد هرندي أنه لا يجب أن تقتصر على التعقيم فقط.
وأوضح أن هناك حاجة إلى نظام متكامل يشمل التطعيم والتعقيم والتسجيل والمشاركة المجتمعية لتحقيق نتائج مستدامة.
وأشار إلى أن طريقة CNVR، التي تشمل جمع الكلاب وتعقيمها وتطعيمها وإعادتها إلى مناطقها الأصلية، قد أثبتت نجاحها في عدة دول مثل الهند، وتايلاند، والفلبين، والمكسيك.
وتابع قائلا: “هذه الطريقة نجحت في السيطرة على أعداد الكلاب الضالة دون تعريض السلامة العامة للخطر، مما يجعلها حلا مناسبا لإيران أيضا”.
وأضاف هرندي أن الدراسات في إيران أظهرت أن تعقيم 50 إلى 70% من الكلاب الإناث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في أعداد الكلاب الضالة على المدى الطويل، مؤكدا أن هذه النتائج تدعم جدوى التعقيم كجزء من الحل.
لكنه شدد على أن التعقيم وحده ليس كافيا، مشيرا إلى ضرورة وجود نظام متكامل يشمل: تسجيل الكلاب ووضع رقاقات إلكترونية لتتبُّعها، ومراقبة مراكز تربية الكلاب؛ لمنع زيادة الأعداد، وتوعية المجتمع، خاصة الأطفال، حول كيفية التعامل مع الكلاب الضالة، والتعاون بين الجهات المعنية لتنفيذ الخطط بشكل فعال.
أضاف هرندي أن إدارة الكلاب الضالة تتطلب نظاما شاملا، وليس مجرد عمليات تعقيم. فبدون هذا النهج المتكامل، ستظل أي جهود لحل الأزمة غير فعالة.
كما ذكر أن هناك حاجة لدراسة وتحليل دقيق بشأن الميزانية المطلوبة لتنفيذ برامج التعقيم والتطعيم.
وأشار إلى أنه يمكن مقارنة الميزانية المخصصة للتطعيم ضد داء الكلب بتلك المخصصة لعمليات تعقيم الكلاب.
وأضاف أن نحو 400.000 حالة عضة حيوان تُسجل سنويا في إيران، وأغلبها يعود للكلاب. في كل حالة عضة، يحتاج المصاب إلى تلقي عدة جرعات من اللقاح أو أحيانا مضاد السموم، موضحا أن تكلفة دورة علاج واحدة تتراوح بين 70 و150 يورو.
كما أشار إلى أنه إذا تم تطبيق نظام فعال للتحكم في عدد الكلاب، فإن ذلك سيؤدي إلى تقليل الحاجة إلى استيراد اللقاحات والمضادات، مما يساهم في خفض التكاليف، حيث إن لقاح الكلب أرخص بكثير من اللقاح البشري.
وأضاف أن توفير هذه التكاليف سينعكس إيجابا على الميزانية، لكنه أبدى أسفه لعدم استعداد الجهات المعنية للاستثمار في الوقاية مسبقا، حيث يتم الانتظار حتى حدوث الإصابات وتكبد تكاليف العلاج.
وأشار هرندي إلى وجود تضاد مصالح واقتصاد خفي في إدارة أزمة الكلاب الضالة.
وأوضح أن هذه الظاهرة ليست غريبة، مشيرا إلى أن إدارة هذه التحديات هي المفتاح لحل الأزمة.
وأضاف أن تضاد المصالح موجود في كل الأزمات الصحية والبيئية حول العالم، مؤكدا أن المهم هو كيفية إدارة هذا التضاد.
وأشار إلى أن هناك اقتصادا خفيا يعتمد على استمرار أزمة الكلاب الضالة، مما يجعل أي جهود لحل المشكلة تواجه مقاومة من أصحاب المصالح.
ودعا هرندي إلى إدارةٍ أكثر شفافية للتعامل مع هذه الأزمة، مشددا على أن الحلول يجب أن تكون مستدامة وتستهدف القضاء على جذور المشكلة، وليس مجرد التعامل مع أعراضها.