كتبت: نورة ناجي
شهدت الساعات القليلة الماضية، جدلا واسعا بين أطياف الشارع الإيراني، ما بين رافض، ومطالب بتأجيل، أو معترض على بعض البنود الخاصة بقانون الحجاب الذي تم إقراره في اللجنة القانونية بالبرلمان الإيراني في شهر سبتمبر/أيلول 2024.
كانت البداية من رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف، الذي قال في تصريحات صحفية، نقلها موقع صحيفة نورنيوز الإيرانية الأصولية، الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024: “قانون الحجاب يمنع الدنس، ويسعى هذا القانون في الأساس إلى الاحترام في الأماكن العامة”.
إذ كانت تصريحات قاليباف التي نقلتها صحيفة نورنيوز 2024 في مراسم إحياء ذكرى يوم الطالب الذي أقيم بجامعة طهران بحضور قاليباف، حيث أضاف رئيس البرلمان في تصريحاته للحضور: “في ما يتعلق بالحجاب أود أن أشير إلى أنني كممثل لأهل طهران في البرلمان، فأنا مسؤول عن نجاح رئاسة البرلمان، وسأدافع عن القانون الذي صدر فيه، بناء على الدستور وتصويت النواب. فهذا هو واجبي الأكيد من الناحية الشرعية سواء أحببت ذلك أم لا، فهذا واجبنا”.
وأضاف قاليباف: “عندما يصبح الأمر قانونيا، علينا جميعا أن نلتزم به، وإلا فستعم الفوضى، في المجتمع الإسلامي”.
وتحدث عما قاله المرشد الأعلى علي خامنئي بخصوص الحجاب: “يجب أن نهتم بالحجاب الشرعي، سواء من الناحية القانونية أو السياسية، وهو واجبنا الديني والوطني”.
وأضاف أن بزشكيان ونائبه القانوني وضحا أن هناك غموضا وإشكالا في بعض أجزاء القانون، وقد مهد القانون نفسه لتصحيحه.
وتابع قاليباف: “يسعى هذا القانون بشكل أساسي إلى منع التشهير في البيئات العامة، ولا يسعى مطلقا إلى التدخل في الشؤون الشخصية للناس”.
تطبيق قانون الحجاب
وقد أثير في الساعات القليلة الماضية بالشارع الإيراني أنه سوف يتم تأخير تطبيق قانون “الحجاب” المثير للجدل، لكن إسماعيل سياووشي، عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان الإيراني، كشف لصحيفة شرق الإيرانية الإصلاحية، أنه “لم يتم تأجيل تطبيق قانون الحجاب والعفة، والمعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام عن تأجيل تطبيق هذا القرار خاطئة”.
وبحسب قوله، فإن القانون المثير للجدل المعروف باسم “العفة والحجاب” سيصدر في 13ديسمبر/كانون الأول، كما أعلن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.
وأضاف عضو اللجنة الثقافية في البرلمان، وفق تقرير “شرق”، أن هذا القانون حاليا “ليس به أي مشاكل وتم حل الغموض الذي تعاني منه الحكومة، لكن إذا كان لا يزال هناك خلاف بين الحكومة فيجب طرحه وحل الموضوع بين رؤساء القوى”.
وأكد سياووشي أن هذا “القانون أقره مجلس صيانة الدستور، وإذا عرض على البرلمان مرة أخرى فإن الأمر سيستغرق سنوات”. وأضاف: “على الحكومة أن تنفذه، حتى ولو كان قانونا سيئا، فلا بد من تنفيذه”.
وفي الوقت نفسه، رفع سياووشي حجاب المخاوف بشأن تبعات تطبيق هذا القانون، وقال: “لكن البعض يعلن أن الأوضاع أصبحت غير ممكنة لتطبيق القانون الآن، وهو ما يجب حله عبر الحوار والمحادثة”.
تحذير وزير السياحة الإيرانى
تزامن الجدل حول الحجاب في إيران مع تصريح لوزير السياحة الإيراني صالحي أميري، حذر فيه من الحجاب وقال إنه سيكون من المستحيل جذب السياح الأجانب مع تطبيق قانون الحجاب الجديد. كما صرح بأن هذا القانون يحتاج إلى تعديل.
وفقا لما كتبته صحيفة اقتصاد نيوز الإثنين 9 ديسمبر /كانون الأول 2024، حيث جاءت تصريحات وزير السياحة الايراني في معرض تناوله للقانون، خاصةً المادة 41 من قانون الحجاب والعفة الجديد، التي ننص على عقوبات شديدة على النساء العاملات في حالة عدم التزامهن بالحجاب.
انتقادات لمسؤولين سابقين
لم يتوقف النقد الموجه للقانون عند المسؤولين الحاليين، بل إن موقع خبر فورى القريب من الإصلاحيين، قد نشر يوم الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، تعليقا لعزت الله ضرغامي عضو المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني وكذلك وزير السياحة الإيراني في الحكومة السابقة، على قانون العفة والحجاب، حيث قال: “دعونا لا نزعج الناس. فنحن لم نقم ثورة بالقوة”. وتابع ضرغامي: “عندما تكون أغلبية الشعب لا تقبل بهذا القانون ولا تطبقه فعليا، ولا تستطيع الحكومة التعامل معها لأي سبب آخر، سيتم إلغاء القانون لمدة سنتين أو خمس سنوات”.
وأضاف: “الليلة الماضية اتصلت بي السيدة الدكتورة سكينة السادات باد مساعدة الرئيس لشؤون متابعة الحقوق والحريات الاجتماعية، وقالت إن هذه التغريدة التي نشرتها تسمى في القانون؛ قانونا مهجورا، ولدينا العديد من القوانين المهجورة في إيران، فلا تزعج الناس. لم نقم ثورة بالقوة”.
ردود من المجتمع الإيراني
في سياق مواز، أصدر ما يقارب الألف معلم إيراني، بيانا أعربوا فيه عن رفضهم قانون الحجاب، وقد نشرت وسائل إعلام إيرانية تفاصيل بيان المعلمين الإيرانيين الذين رفضوا فيه تطبيق قانون الحجاب، وقالوا فيه: “إننا كمعلمين وآباء وأمهات وأزواج ومواطنين، انطلاقا من مسؤوليتنا الإنسانية والاجتماعية والمهنية، ومن أجل حماية الحرية ودعم الإرادة المعقولة والإنسانية التي توافق عليها الغالبية العظمى من المجتمع، نعرب عن معارضتنا الواضحة لهذا القانون غير المعقول، مما لا يحد من الحق الأساسي للإنسان فحسب، بل يهدد أيضا الأمن النفسي والحياتي للمرأة والأسرة بأكملها”.
أصوليون ضد القانون
في السياق ذاته، وكان لافتا أن يكون هناك بعض الأصوات الأصولية التي ترفض القانون، حيث اقترح ناصر إيماني، الناشط السياسي الأصولي، على الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إرسال مشروع القانون إلى البرلمان، ووقف تطبيق قانون العفة والحجاب في الوقت الحالي. وبرأيه، “يجب إلغاء هذا القانون، وليس تعديله”.
وتابع ناصر إيماني في تعليقه وفق ما نقله موقع “شرق: “يبدو أنه يشكك في موافقة رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية على هذا القانون”.
كذلك قال محمد البطحي، أحد مديري وزارة الداخلية، وفق ما نقله موقع “خبر فوري”، إن الحكومة تستطيع تعديل هذا القانون بلوائح تنفيذية.
كذلك حذر عبد الحسين، أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية، من أن “الدلائل تشير إلى أن بعض القرارات أتت بنتائج عكسية. ونعتقد أن الجزء الأكبر من قضية الحجاب ثقافي وتعليمي. وكان من أهم شعارات ووعود مسعود بزشكيان في منافسات الانتخابات الرئاسية، التعامل مع الإكراه والمعاملة العنيفة للمرأة. ولم يعلن صراحةً معارضته لقانون العفة والحجاب، لكنه لم يوافق على تطبيقه أيضا”.
وقد سردت شبكة “شرق” في تقريرها ما قاله بزشكيان مؤخرا في مقابلة تلفزيونية من أن هذا القانون “غامض للغاية من الناحية التنفيذية، ونريد إصلاحه. وقد يزداد الأمر سوءا مع التدخل”.
وأنهى الموقع تقريره بالقول: “على الرغم من أن المعارضة لهذا القانون قوية للغاية على مستوى المجتمع، فإنه ليس من الواضح إلى أي مدى سيصمد الرئيس أمام الضغوط من الجبهة المقابلة”.
انتهاك للنظام القانوني
في الوقت نفسه وحسبما نقل تقرير موقع ديدار الإيراني الأصولي، فقد قال المحامي الإيراني محمد صالح نقره كار عن قانون الحجاب: “باعتباري ناشطا في مجال الحقوق المدنية، أعتقد أن طريقة التشريع هذه نوع من إضعاف النظام القانوني والاعتداء على حقوق المواطنين والتمييز غير العادل ضد المرأة في مجال السياسة الجنائية”.
وتابع محمد صالح: “يجب ألا يتسبب القانون في حدوث اضطراب اجتماعي وعصيان مدني”. وأضاف أن “للمواطنين الحق في مقاومة القانون. وهذا أمر ظالم وغير محترم، ويفرض ضد حقوقهم؛ ولذلك فمن الأفضل للمشرع أن ينحاز إلى المواطنين”، على حد وصفه.
جدير بالذكر أن قانون الحجاب المثير للجدل في إيران، تتضمن أبرز بنوده أن النساء اللاتي يقبض عليهن وهن يرتدين ملابس “غير لائقة” في الأماكن العامة سيتعرضن لعقوبة “من الدرجة الرابعة”.
ويعني ذلك، وفقا لقانون العقوبات، عقوبة السجن لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وغرامة تتراوح بين 180 مليونا و360 مليون ريال (أي ما يعادل 3651 – 7302 دولا.