كتبت: لمياء شرف
صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن بلاده لم تهزم في سوريا، وأنها حققت الأهداف التي تدخلت من أجلها روسيا عسكريا في سوريا عام 2015، وأن قواته تدخلت لإجلاء 4000 شخص من القوات العسكرية الإيرانية من من قاعدة حميميم بسوريا إلى طهران.
جاءت هذه التصريحات خلال المؤتمر الصحفي السنوي لبوتين، الذي عقد الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، مؤكدا أن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من الأحداث التي جرت في سوريا الأسابيع الماضية.
وأكد أن ما يحدث في سوريا لا يمثل هزيمة لروسيا، حيث إنها قدمت إلى سوريا منذ 10 سنوات، دعما لتمنع تحولها إلى بؤرة للإرهاب كأفغانستان، على حد تعبيره، موضحا أن روسيا حققت أهدافها بشكل كامل.
وأشار إلى أن الجماعات التي حاربت الجيش السوري تغيرت، وإذا كانت الدول الغربية تسعى اليوم إلى الحوار مع هذه الجماعات، فإن ذلك يعني أن هناك تغييرات طرأت على هذه الجماعات، معربا عن أمله في أن يعم السلام بسوريا، وبناء علاقات مع جميع المجموعات التي تسيطر الآن.
وكشف بوتين خلال تصريحاته، عن تفاصيل مساعدة روسيا في إجلاء نحو 4 آلاف مقاتل إيراني عن الأراضي السورية.
إجلاء القوات الإيرانية
وأوضح بوتين أنه في أثناء دخول فصائل المعارضة السورية مدينة حلب، والذي كان عدهم 350 عنصرا، انسحب 30 ألف عسكري من القوات الحكومية والوحدات الموالية لإيران دون قتال، وقاموا بتفجير مواقعهم قبل المغادرة، وذلك ما تكرر في كل المدن، باستثناء بعض الاشتباكات المحدودة.
وأردف أن القوات الإيرانية التي طلبت سابقا دعما لنقل وحداتها إلى سوريا، طالبت أيضا بمساعداتها للخروج منها، وبناء على ذلك تم إجلاء 4000 مقاتل إيراني من قاعدة حميميم إلى طهران، فيما توجهت بعض الوحدات الأخرى إلى لبنان والعراق دون الدخول في مواجهات مباشرة.
تصريحات بوتين عن إجلاء القوات العسكرية الإيرانية من سوريا دون قتال، أثارت غضب قيادات عسكرية في إيران، حيث نفت قيادات في الحرس الثوري الإيراني التصريحات التي أوردها الرئيس الروسي بشأن نقل 4000 جندي إيراني من سوريا إلى إيران.
واعتبروا أن هذه التصريحات لا تعكس الواقع الميداني في سوريا، مشيرين إلى أن الأعداد الحقيقية أقل من ذلك بكثير، وأن معظم من تم نقلهم ليسوا قوات إيرانية.
وقال القيادي بالحرس الثوري، إسماعيل كوثري، عضو هيئة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إن القوات التي قامت روسيا بنقلها من سوريا إلى إيران تضم مواطنين من لبنان وأفغانستان ودول أخرى كانوا يعملون كمستشارين في سوريا، مؤكدا أن “إيران لم يكن لديها 4000 جندي في سوريا، ولم نرسل هذا العدد في أي وقت مضى”.
وأوضح كوثري أن المستشارين الإيرانيين بقوا في سوريا حتى اللحظة الأخيرة لدعم الجيش السوري، مشيرا إلى أن الوضع لم يكن مشجعا، حيث قال: “لم نر الجيش السوري ولا الرئيس بشار الأسد يقفان بشكل كافٍ”.
وأكد أن “المستشارين الإيرانيين تكبدوا خسائر بشرية في الصراعات الأخيرة، حيث تم تسجيل 15 شهيدا من صفوف المستشاريين الإيرانيين”.
من جانبه، أكد الأسدي، قائد قاعدة خاتم الأنبياء بالحرس الثوري الإيراني، أن إيران لم تسحب قواتها العسكرية عبر روسيا، مشيرا إلى أن من تم نقلهم كانوا مدنيين ومقيمين في سوريا لفترات طويلة.
وقال: “لقد ساعدنا الروس في إعادة المواطنين الإيرانيين، وليس القوات العسكرية”، مضيفا أن غالبية الأشخاص الذين تم نقلهم ليسوا جنودا إيرانيين، بل شيعة من جنسيات أخرى، مثل الأفغان والباكستانيين، وحتى السوريين الذين كانوا يعملون في المواقع الدينية كمقام السيدة زينب ومقام السيدة رقية.
وأكد الأسدي أن إيران سحبت مستشاريها العسكريين بنفسها، عبر مسارات أخرى مثل لبنان، نافيا نفيا مطلقا تحريك إيران قواتها العسكرية.
وشدد الأسدي قائلا: “لن نسمح لروسيا أو أي طرف آخر بتحريك قواتنا العسكرية، وما حدث هو عملية لإجلاء مدنيين ومقيمين شيعة؛ حفاظا على حياتهم”.
تعكس التصريحات اختلافا واضحا في الرواية الإيرانية عن تلك التي قدمتها روسيا، وسط تشديد إيراني على استقلالية قراراتها العسكرية في سوريا.
يذكر أن الرئيس الروسي وصف السلطات الجديدة في سوريا بالمجموعات المسلحة التي تسيطر على الحكم، وأعطى إيحاءات برغبة بلاده في الحفاظ على قواعدها العسكرية بسوريا، وبدا بوتين في حديثه عن السلطة الجديدة “حذرا”.
القواعد الروسية في سوريا
وتطرق بوتين إلى مصير القواعد العسكرية الروسية، حيث قال: “إن أطرافا في المنطقة تؤكد ضرورة أن تحافظ روسيا على وجودها العسكري في سوريا”، دون أن يسمي تلك الأطراف.
وتابع بوتين: “سنفكر في بقاء قواعدنا بسوريا، وسنقرر ما إذا كنا سنبني علاقات مع القوى السياسية التي تسيطر أو سوف تسيطر على الحكم في سوريا، هذا يتطلب البحث من الطرفين عن أرضية مشتركة”.
مساعدات إنسانية
وأكد بوتين أنه لا توجد قوات برية روسية في سوريا، موضحا أن هناك قاعدتين جوية وبحرية، واقترحت روسيا استخدام قاعدة حميميم وقاعدة طرطوس لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وأوضح أن موسكو مستعدة لتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.