ترجمة: يارا حلمي
نشرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية المحافظة، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الثلاثاء 15 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناولت فيه أزمة ارتفاع أسعار الأدوية والمعدات الطبية في إيران، وتأثير ذلك على المواطنين والنظام الصحي، بحسب تصريحات كل من محمد طاهري الخبير الصيدلاني، وهادي أحمدي مدير العلاقات العامة في نقابة الصيادلة الإيرانية.
ذكرت الوكالة أنّ إلغاء سعر صرف العملة المدعومة بـ44 ألف ريال أي ما يعادل 5 سنتات أمريكية واستبداله بسعر 285 ألف ريال أي ما يعادل 33 سنتا أمريكيا للأدوية والمعدات الطبية، دقّ ناقوس الخطر بشأن الارتفاع المذهل في تكاليف العلاج والضغوط التي يتحمّلها المرضى، وهذا القرار، الذي يبدو أنّه بدأ تنفيذه منذ العام الماضي 2024، قد وضع النظام الصحي في البلاد على أعتاب تحد كبير.
وأشارت إلى أنّ هذا التغيير دفع عددا من الخبراء إلى التحذير من أن الزيادة المتعدّدة في التكاليف، إلى جانب عجز تغطية التأمين الصحي، قد تفرض عبئا ثقيلا على كاهل المواطنين والنظام الصحي الوطني،
وأضافت أنه في الوقت الذي يُفترض أن تُخصّص ميزانية الأدوية والمعدات لتلبية احتياجات المرضى، يُلاحظ أحيانا صرفها في اتجاهات أخرى، مما يثير القلق بشأن ارتفاع الأسعار، وتراجع جودة الخدمات العلاجية، والصعوبات المتزايدة في تأمين المواد الأولية للإنتاج المحلي.
وعود غير مُحقّقة
أوضح محمد طاهري الخبير الصيدلاني أنّ “هذه الأزمة ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل إن قطاع الدواء والمعدات الطبية يعاني منها منذ سنوات، غير أنّ الفروقات الراهنة في سعر صرف العملة الأجنبية والمشكلات المرتبطة بآليات تخصيصها، دفعت الجهات المختصة إلى إخراج بعض السلع الأساسية، مثل الأدوية والمعدات الطبية، من قائمة السلع المستفيدة من موازنة العملة المدعومة بـ44 ألف ريال، واستبدالها بسعر صرف يبلغ 285 ألف ريال”.
وشدّد على أن “هذا الإجراء سيزيد من حجم الضغوط على المواطنين، ورغم تصريحات الحكومة والمنظمة الوطنية للغذاء والدواء، والتي أكدت مرارا أنّ فارق هذه التكاليف ستتحمّله مؤسسات التأمين، فإن الواقع يبيّن عكس ذلك”.
وأشار إلى أنّه “كما سبق أن قيل عند إطلاق خطة دارويار (برنامج إصلاحي يهدف إلي إعادة هيكلة دعم الأدوية وتوجيهه بشكل مباشر إلي المواطنين بدلا من دعم العملة الأجنبية للشركات المستوردة للأدوية)، أنّ المواطن لن يدفع ريالا واحدا من جيبه، إلّا أنّ ما حدث لاحقا هو أنّ المواطنين تكبّدوا نسبة كبيرة من النفقات، وفي نهاية المطاف، تبيّن أنّ الخطة لم تُثمر، وأصبحت عمليا غير قابلة للتطبيق”.
ارتفاع الأسعار مع سعر الصرف الجديد
في حين صرح هادي أحمدي، مدير العلاقات العامة في نقابة الصيادلة الإيرانية، بأنّ “العملة المدعومة بـ44 ألف ريال- أي ما يعادل 5 سنتات أمريكية- أُلغيت فعليا منذ العام الماضي 2024، ولم تعد معتمدة في السوق، وتمّ الانتقال إلى سعر صرف 285 ألف ريال أي ما يعادل 33 سنتا أمريكيا، وهذا التحوّل حدث في قطاع الأدوية قبل ذلك، في عام 2022، تزامنا مع إطلاق خطة دارويار، كما شمل قطاع المعدات الطبية اعتبارا من الربع الأخير من عام 2024”.
وتابع: “حين تم استبدال العملة المدعومة بسعر صرف جديد بلغ 285 ألف ريال، أي بزيادة تقارب سبعة أضعاف، ما دفع إلى توقع ارتفاع مماثل في أسعار المعدات الطبية، بالإضافة إلي ذلك فإن أسعار أدوات التحاليل، والأجهزة الطبية، ولوازمها قد شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية زيادات حادة”.
كما أشار إلى “وجود احتمال لاستمرار ارتفاع أسعار صرف العملة في ما يخص الأدوية والمعدات الطبية”، وأوضح أنّه “رغم عدم صدور بلاغ رسمي بعد، فإنّ البنك المركزي سيبدأ خلال الأسبوع الجاري عملية تخصيص العملة للأدوية، والمعدات، والسلع الأساسية”.
وعبّر عن أمله قائلا: “إلا أننا نأمل أن يبقى سعر الصرف التفضيلي عند حدود 285 ألف ريال أي ما يعادل 33 سنتا أمريكيا، وإذا دخل المرحلة التالية بسعر 385 ألف ريال أي ما يعادل 44 سنتا أمريكيا فسيؤدي إلى قفزة كبيرة في الأسعار، إذ إنّ القانون ينص على أنّ أسعار السلع والمعدات، وبناء عليها الخدمات، سترتفع تبعا لنسبة التضخم”.
تغيير في آلية تخصيص الميزانية
ذكرت الوكالة أن هناك تغييرا طرأ على آلية تخصيص الميزانية، في ظل شكاوى متزايدة من سوء توجيه الموارد المالية داخل مؤسسات التأمين الصحي، إذ إنّ هذه المؤسسات، التي يُفترض أن تتحمّل القسم الأكبر من التكاليف، غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها بصورة سليمة، وذلك لأسباب متعددة، منها العجز في الميزانية والاختلالات الداخلية.
وتابعت أن هادي أحمدي اعتبر أنّ “هذه الأزمة أدّت إلى ارتفاع مساهمة المواطنين في التكاليف الصحية إلى حدود 70 بالمئة، خصوصا في مجال الخدمات شبه السريرية (الباراكلينيكية)، وهذا الوضع لا يليق بالنظام الصحي”.
وأضاف أنّ “ارتفاع تكلفة هذه الخدمات، في ظل غياب التغطية التأمينية، يمثل ناقوس خطر يهدّد سلسلة الرعاية الصحية، ومن المتوقع أن تتخذ الجهات المختصة إلى تدابير عاجلة في هذا الصدد”.
وذكر أنّ “آلية مشاركة مؤسسات التأمين في تغطية نفقات الأدوية كانت تقوم سابقا على تحويل الميزانية مباشرة إلى حسابات تلك المؤسسات، غير أنّ بعض هذه الجهات لم تستخدم تلك الأموال لتوفير الأدوية، بل خصّصتها لمجالات أخرى”.
كما أوضح مستدركا: “لكن الآن تم اتخاذ القرار الجديد الذي يقضي بتحويل آلية التخصيص بحيث تؤول الميزانية إلى وزارة الصحة، لتتولى بدورها توزيعها، وذلك بهدف تحسين الكفاءة وضمان صرف الأموال في الاتجاه الصحيح، إلا أنه حتى الآن لم تُقدَّم آلية واضحة ونهائية بهذا الشأن في ما يخص قطاع المعدات الطبية”.
خطر انخفاض جودة الخدمات الصحية
أشارت الوكالة إلى أنّ محمد طاهري الخبير الصيدلاني، حذّر من تداعيات محتملة لسعر صرف العملة الأجنبية على قطاع المعدات الطبية، وهو عدم قدرة المؤسسات العلاجية على تأمين معدات عالية الجودة. وقال: “إنّه في ظل الارتفاع المستمر في سعر الصرف، قد تتّجه المستشفيات تدريجيا نحو شراء معدات أرخص وربما أقل جودة، سعيا لتقديم الخدمات الطبية”.
وتابعت أن طاهري قال موضحا: “إن الزيادة المتعدّدة في التكاليف، مع غياب تغطية تأمينية مناسبة وفورية، تدفعهم نحو هذا المسار، وهو ما سيؤثر سلبا، على المدى البعيد، في كفاءة الخدمات الطبية والصحة العامة”.
وأفادت الوكالة بأن هادي أحمدي وافق على هذا التقييم، مؤكدا أنّ “أغلب المعدات الطبية في إيران مستوردة وتتمتع بجودة عالية، لكن لا بد من الانتباه إلى أن المنتجات المحلية، رغم كونها أرخص نسبيا من نظيرتها الأجنبية، ستتأثر أيضا بارتفاع الأسعار، لأنّ زيادة سعر الصرف ستؤدي إلى صعوبات في تأمين المواد الأولية اللازمة للتصنيع المحلي، وبالتالي سترتفع أسعار المعدات الرخيصة كذلك، وهذا أمر منطقي”.