كتبت: سارة محمد علي
أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حوارا تلفزيونيا مساء السبت 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مع إحدى القنوات المحلية الإيرانية، ألقى من خلاله الضوء على بعض الملفات المرتبطة بالخارجية الإيرانية التي أثارت جدلا محليا ودوليا خلال الفترة الماضية.
لقاء ماسك وإيرواني
نفى وزير الخارجية الإيراني حدوث لقاء بين رجل الأعمال الأمريكي المقرب من دونالد ترامب، إيلون ماسك، والسفير أمير سعيد إيرواني ممثل إيران لدى الأمم المتحدة.
وقال عباس عراقجي: “إن أيا من المسؤولين الإيرانيين لم يلتقِ إيلون ماسك”، وأكد أن “أيا من سفارات ومكاتب تمثيل الجمهورية الإيرانية لن تقوم بعقد مثل هذه اللقاءات دون تنسيق، ووصف ما نشر من أنباء حول اللقاء بأنه “صناعة أخبار كاذبة من قبل الأمريكيين”.
وأضاف أنَّ “نشر هذا الخبر قد يكون محاولة من قبل وسائل الإعلام الأمريكية لقياس ما إذا كان من الممكن عقد مثل هذه اللقاءات، وجس نبض لمعرفة ما إذا كانت إيران تبحث عن اتصال مع الولايات المتحدة” بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وحول انتظار الخارجية الإيرانية عدة أيام حتى تقوم بنفي الخبر، قال عراقجي: “لا أرى أن هناك تأخيرا في تفنيد الخبر، لأننا كنا نعتقد منذ البداية أنه لا يستحق الرد”.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً الخميس 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تزعم فيه نقلا عن مسؤولين إيرانيين لم تسمهم، حدوث لقاء بين إيرواني وماسك يوم الاثنين 11 نوفمبر/تشرين الثاني، تناقشا فيه حول الحد من التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن ماسك هو من طلب عقد الاجتماع، والسفير هو من اختار الموقع، وتم اللقاء في مكان سري واستمر أكثر من ساعة، وقيمت نتائجه بأنها إيجابية.
وأضافت الصحيفة أن اللقاء المبكر بين إيرواني وماسك يشير إلى احتمال حدوث تغيير في لهجة العلاقات بين طهران وواشنطن في ظل إدارة ترامب، على الرغم من التاريخ المشحون بين الرئيس المنتخب وإيران.
كما أشارت إلى أن السفير الإيراني أبلغ ماسك خلال الاجتماع، أنه يجب الحصول على إعفاءات من عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، وزعمت أن الاجتماع قدم حلا بديلا لإيران، مما سمح لها بتجنب الجلوس مباشرة مع مسؤول أمريكي.
وبحسب الصحيفة، فقد رفض كل من إيلون ماسك وستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات لدى ترامب، التعليق على الاجتماع المذكور.
وفي يوم السبت 16 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت شبكة “سي بي إس” الأمريكية نقلا عن مصدرين مطلعين، تأكيدا لحدوث اللقاء، وقالت: “ليس هناك ما يشير إلى أن دونالد ترامب كان على علم بهذا اللقاء”.
وباليوم نفسه نشرت وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية للأنباء، تأكيدا لنبأ اللقاء بين ماسك وإيرواني، نقلا عن مسؤول أمريكي، وذكرت أن اللقاء عقد بناءً على طلب الإيرانيين.
وبحسب التقرير، فإن محتوى المحادثات بين الطرفين تضمن مواضيع مختلفة، منها البرنامج النووي الإيراني، ودعم إيران للجماعات المناهضة لإسرائيل في الشرق الأوسط، وآفاق تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
وتزامنا مع التقارير الأمريكية، ذكرت صحيفة كيهان الإيرانية الناطقة بلسان المرشد الإيراني علي خامنئي، في صدارة عددها الجمعة 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لم تنكر حدوث اللقاء، ونقلت عن أحد أعضاء البعثة قوله: “لا تعليق لدينا على الخبر”.
وتساءل حسين شريعتمداري، ممثل خامنئي بـ”كيهان”، في مقال له بعنوان “لقاء سري مع ممثل ترامب.. سذاجة أم خيانة؟”، عما إذا كان اللقاء تم بعلم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أم لا.
وأضاف: “إذا كان اللقاء بعلمه فكيف يمكن فهم التناقض بين هذا اللقاء المذل الذي نشأ عن دبلوماسية الاستجداء- بحسب وصفه- وتصريحات بزشكيان وشعاراته، وإذا كان اللقاء قد عقد دون علمه فبأي صفة قام إيرواني بلقاء ماسك؟”.
وتم تداول الخبر على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، منذ نشره لأول مرة بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الخميس 14 نوفمبر/تشرين الثاني.
إلى أن قام إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بنفيه السبت 16 نوفمبر/تشرين الثاني، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إرنا .
كيفية التعامل مع الحكومة الأمريكية المنتظرة
بالعودة إلى المقابلة التلفزيونية لوزير الخارجية الإيراني، وانطلاقا من الحديث حول اللقاء المزعوم لماسك وإيرواني.
قال عباس عراقجي حول كيفية تعامل إيران مع الحكومة الأمريكية القادمة التي سوف يشكلها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب: “ننتظر من الحكومة الأمريكية الجديدة أن تعلن عن أعضائها وسياستها، وسنتخذ القرارات في مستويات عليا في ما يتعلق بكيفية التعامل معهم، وسنتصرف تجاه الحكومة الجديدة بناء على سياساتها وتحركات أعضائها”.
وأضاف عراقجي: “لعل من سمات إدارة ترامب السابقة أنه لم يكن هنالك شيء يمكن التنبؤ به، وكانت هناك تغييرات مستمرة جعلت العالم ينظر الى ترامب على أساس عدم الثقة تماما، وقد ضم فريق فترة إدارته السابقة العديد من الداعمين للاحتلال الإسرائيلي، لكن يجب الانتظار لمعرفة ما إذا كانوا سيصبحون جزءا من الحكومة الأمريكية الجديدة أم لا، ثم سوف تقرر إيران كيفية تعاملها”.
يذكر أن دونالد ترامب اتهم إيران باختراق حملته الانتخابية في محاولة لإسقاطه، وبعد فوزه بأيام، اتهمت السلطات الأمريكية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، الحرس الثوري الإيراني باستئجار شخص لمحاولة اغتيال ترامب.
وهو الاتهام الذي نفته طهران باليوم عبر تدوينة لوزير خارجيتها على حسابه بمنصة إكس، وصف فيها الادعاءات الأمريكية بأنها كوميديا من الدرجة الثالثة.
وعقب إعلان فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، علت أصوات إيرانية معربة عن قلقها من قيامه بتطبيق سياسة الضغط الأقصى على إيران، بينما رأت أصوات أخرى أن فوزه ربما يمثل فرصة لفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين طهران وواشنطن.
أما رسميا فقد عقب إسماعيل بقائي، المتحدث الرسمي، على فوز ترامب، في مؤتمر صحفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، قائلاً: “لا يهم من فاز بالانتخابات الأمريكية، لكن المهم هو ما سيتبعه من سياسات تجاه المنطقة”.
وهو نفس ما ذكرته نائبة الرئيس الإيراني، فاطمة مهاجراني، في مؤتمر صحفي لها باليوم نفسه، مضيفةً أنها لا ترى فارقا بين ترامب وبايدن، ومؤكدةً أن السياسات الإيرانية ثابتة بغض النظر عن اسم الرئيس الأمريكي.
وعن احتمال قيام ترامب بفرض عقوبات جديدة على طهران، قالت مهاجراني: “إن العقوبات زادت إيران قوة وعززت قدراتها الداخلية”، مؤكدةً أن الجمهورية الإيرانية على استعداد للتعامل مع مزيد من العقوبات”.